Announcing: BahaiPrayers.net


كتب أكثر من قبل الجامعة البهائية العالمية

1955 May 01 اقتراحات الجامعة البهائية العالمية
1974 Jan 14 مقترحات بخصوص السنة العالمية للمرأة
1982 Sep 01 إقتراحات من أجل حملة دولية فعالة ضد تجارة المخدرات.
1992 Jun 08 القيادة الأخلاقية
1995 Aug 26 لعظمة التي يمكن أن تكون لهمالشرع والمبدأ البهائي إيجاد بُنى مؤسسية وقانونية للمساواة بين الجنسين
1995 Aug 26 العظمة التي قد تكون لهم الدين كعامل لترويج تقدم المرأة في جميع المراتب
1995 Aug 26 العظمة التي يمكن أن تكون لهم الطفلة – همٌّ مصيريّ
1995 Aug 26 العظمة التي يمكن أن تكون لهم تعليم البنات - استثمار للمستقبل
1995 Aug 26 العظمة التي يمكن أن تكون لهم حماية حقوق المرأة
1995 Aug 26 العظمة التي يمكن أن تكون لهم مشروع مشترك بين الـ UNIFEM والجامعة البهائية لزيادة الوعي في المجتمع المحلي
1995 Aug 26 العظمة التي يمكن أن تكون لهم مكانة المرأة في الجامعة البهائية
1995 Aug 26 العظمة التي يمكن أن تكون لهم وقف القسوة تجاه النساء
1995 Aug 26 العظمة التي يمكن أن تكون لهمالرعاية الصحية الأولية وتمكين النساء
1995 Aug 26 العظمة التي يمكن أن تكون لهمالمرأة ووسائل الإعلام المسموعة والمرئية
1999 Jan 12 وثيقة الجامعة البهائية العالمية القيم الدينية ومقاييس الفقر والرخاء
2000 Aug 29 القمة الألفية للسلام العالمي منظور بهائي
2000 Jan 20 حق التعليم
2001 Jun 25 فيروس نقص المناعة-الإيدز والمساواة بين الجنسين إحداث تحويل في المواقف والسلوكيات
2005 Apr 01 حرية الاعتقاد استجابة لبرنامج الأمم المتحدة للتنمية البشرية
2005 Oct 02 البحث عن القيم في عصر المتغيرات
2006 Jul 02 بعد الإصلاحات القانونية تغيير الثقافة وزيادة الإدراك والوعى العام للقضاء على العنف ضد المرأة
2007 Feb 26 بيان تغيير القيم من أجل التمكين للطفلة
2007 Jun 26 مبادرات للحوار العالمي الهادف إلى تعزيز ثقافة التسامح والسلام المبنية على احترام حقوق الإنسان والتنوع الديني.
2007 Sep 20 دمج منظور الجنس في أعمال مجلس حقوق الإنسان
2007 Sep 24 وضع البهائيين في مصر
2008 Aug 12 إيران تكثّف مغالطاتها وهجماتها على البهائيين
2008 Dec 01 اغتنام الفرص إعادة تعريف التحدي المتمثل في التغير المناخي
2008 Feb 01 لجنة وضع المرأة
2008 Feb 14 المضي قدمًا معًا للقضاء على الفقر
2008 Jun 06 الكلمة الموجهة إلى الجلسة الثامنة لمجلس حقوق الإنسان
2008 Mar 14 الوضع الحالي للبهائيين في جمهورية إيران الإسلامية
2009 Apr 20 إالكفاح من أجل العدالة تغيير آليات التفاعل البشري - test
2009 Apr 20 إن التفرقة العنصرية مرض لا يصيب البشرة بل يصيب العقل البشري
2009 Feb 28 الكفاح من أجل العدالة تغيير آليات التفاعل البشري
2010 Feb 03 البيان تحويل جوهر المداولات الجماعية تقدير قيمة الوحدة والعدالة
Free Interfaith Software

Web - Windows - iPhone








الجامعة البهائية العالمية : 2008 Feb 14 المضي قدمًا معًا للقضاء على الفقر
المضي قدمًا معًا للقضاء على الفقر
بيان الجامعة البهائية العالمية عن الفقر
14 فبراير/شباط 2008م
الجزء الأول

1. لقد تم أخيرًا وضع أزمة الفقر العالمية موضعًا متقدمًا على سلم الأولويات في الأجندة العالمية. وقد أشعل هذا التطور الملائم شرارة النقاش والبحوث بخصوص السبل الكفيلة باستئصال هذه الحالة المتردية من الحياة البشرية. إلا أنه، بينما تنهال التعهدات المتجددة للمبادرة بالعمل من قبل الحكومات، وبينما تفشل النظريات الراسخة منذ أمد بعيد وسبل المواجهة التقليدية في إخماد التعصبات والصراعات والنُهُج الاستغلالية القائمة منذ زمن بعيد، يسود شعور بفقدان التوجيه والسيطرة على مشروع استئصال الفقر العالمي. إلا أنه وفي نفس الوقت، ينبثق تفاؤل محسوس من الاهتمام والقوة الدافعة المُوَلَدة من جراء البحث عن حلول لهذا التحدي العالمي.

2. لقد عُرّفَت آليات استئصال الفقر منذ أمد بعيد بمصطلحات مادية الأساس. وبالفعل، فإن العماد الرئيس لجهود الجامعة العالمية من أجل تخفيف وطأة الفق كان ولا يزال تحويل الموارد المالية. فقد صُرِفَ في العقود الخمسة الماضية حوالي 2٫3 تريليون دولار كمساعدات خارجية.(1) لكن المأساة أن المساعدات، بدلاً من أن تأتي باكتفاء ذاتي أكثر للمجتمعات المتلقية لها، أتت في الغالب بأثر ضار: كزيادة الاعتماد على المساعدات الخارجية، والخنوع والتبعيّة لأولويات تمليها مصادر خارجية، وسوء استعمال الأموال وصرفها في غير موضعها الصحيح، وتقليل الضغوط للإصلاح الحكوميّ. وقد سعت الأمم المتحدة، في محاولة حازمة منها لإحداث التغيير، إلى توسيع آليات المساعدة وإلى حشد الدعم لتخفيف وطأة الفقر عن طريق "الأهداف التطوّرية للألفيّة".(2)

3. ما يعترف به بصورة متزايدة في يومنا هذا، هو أن حالات مثل تهميش الفتيات والنساء،(3) الإدارة الحكومية الرديئة،(4) النفور العرقي والديني،(5) الانحلال البيئي(6) والبطالة(7) تشكّل أعظم العقبات التي تواجه تقدم المجتمعات وتطورها. يُبرهِنُ كلّ ذلك على أزمة أعمق – أزمة تستمد جذورها من القيم والمواقف الذهنية التي تعطي شكلاً للعلاقات في جميع مراتب المجتمع. ومن هذا المنظور، يمكن وصف الفقر على أنه الافتقاد لتلك الموارد الأخلاقية والاجتماعية والمادية التي نحتاجها لتطوير القدرات الأخلاقية والعقلية والاجتماعية للأفراد والمجتمعات والمؤسسات. فعلى سبيل المثال، تعد المنطقية الأخلاقية واتخاذ القرارات الجماعية والتحرر من التعصب العرقي كلها أدوات أساسية لتخفيف وطأة الفقر. على مثل هذه القدرات أن تعطي شكلاً للتفكير الفردي، بالإضافة إلى الإجراءات المؤسساتية وصنع السياسات. لكي نكون واضحين، فالهدف أمامنا ليس فقط إزالة العلل المرتبطة بالفقر بل شغل إنتباه جموع البشرية وجهودها في بناء نظام عالمي عادل.

4. يجب على الأفراد والمؤسسات العمل بالتوازي لأداء هذه المهمة. وعليه فإن أحد أهداف تخفيف وطأة الفقر يتمركز على الفرد: فيجب أنْ يُساعَدَ الفرد لاستعادة كرامته وحسه بالقيمة الذاتية، وتشجيعه لكسب الثقة بالنفس لتحسين وضعه والسعي لإدراك وتحقيق ما فيه من قوى كامنة. ويجب رعايته لينظر إلى أبعد من تحقيق الرفاه الفردي ليصبح مصدرًا للخير الاجتماعي – الصلح والسعادة والمنفعة لمن حوله. تصل إنسانيتنا إلى أعظم درجات التعبير عندما تكون في مستوى الخدمة للآخرين. أما الهدف الثاني فيتمركز حول المؤسسات: والتي يجب عليها أن تعمل على جميع شرائح المجتمع، كقنوات تُسَخّر عن طريقها مواهب وطاقات الفرد لخدمة الإنسانية. في الحقيقة تمثل الموارد التي تساعد على تطوير هذا الفرد والقدرة المؤسساتية مصدرَ ثروةٍ حقيقيّ للمجتمع.

5. كما تحكم المبادئ المادية العالم المادي، فالعالم الاجتماعي تحكمه بنفس الطريقة مبادئ أخلاقية والتي تشكل الأساس لعمل مجتمع منظم. فمبادئ مثل مساواة الجنسين،(8) والأمانة،(9) واتاحة الحصول على التعليم، وحقوق الإنسان، وحرية الدين،(10) على سبيل المثال، تعنى بعلاقة إيجابية مع مقاييس الاستقرار والرفاه الاجتماعي الاقتصادي. يدعو الارتباط فيما بين التحديات التي تنشأ من الفقر إلى التعبير عن المبادئ القادرة على توجيه التحليل، واتخاذ القرار وتطوير مؤشرات لقياس التقدم. إن الميزة الرئيسة لعملية تعتمد على المبادئ هي أنها توجه الأفراد والمؤسسات بعيدًا عن التركيز على اهتمامات منعزلة وقصيرة الأمد لينظروا، بدلاً من ذلك، إلى المشاكل من منظور شمولي كلي منظم وطويل الأمد. من أجل أن يكتسب أي قرار الدعم ويأتي بنتائج، يجب أن تتصف عملية صنع القرارات بالنزاهة: عليها أن تشمل أولئك الذين يتأثرون بصورة مباشرة بالقرار ويجب أن تحكمها معايير أخلاقية متفق عليها ومُتّسمة بالشفافية.

6. تود الجامعة البهائية العالمية في هذا السياق أن تعرض مبدأين كمنارين هاديين للجهود المبذولة في مجال استئصال الفقر: العدل والوحدة. إن هذين المبدأين يشكلان أساس الرؤية لتطور يخدم فيه التقدم المادي كوسيلة للتقدّم الأخلاقي والحضاري للبشرية. ويَوَفُر العدل الوسيلة التي يمكن بها تسخير القوة الكامنة للإنسان لاستئصال الفقر من بيننا، عن طريق تطبيق القانون، وتعديل الأنظمة الإقتصادية، وإعادة توزيع الثروة وإتاحة الفرص والتمسك بأعلى المعايير الأخلاقية في الحياة الشخصية والعامة دون أدنى تقصير. أما الوحدة فتؤكد على أن التقدم يتصف بأنه شمولي كلي منظم ومرتبط بعضه ببعض، وأنه يجب أن يوجه جهودنا لتخفيف وطأة الفقر اهتمامًا بسلامة وكمال وحدة الأسرة والمجتمع المحليّ والوطنيّ والعالميّ.

الجزء الثاني
الحكومة

7. تضع قضية الفقر مسؤولية خاصة على أكتاف الرؤساء المنتخبين وحكوماتهم. فبينما يحاول البعض أن يبرهنوا على أن الفقر بحد ذاته يؤدي إلى إيجاد حكومة ضعيفة، إلا أن السببية غالبًا ما تتحرك في الاتجاه المعاكس: الحكومة الأفضل تؤدي إلى نتائج تطورية أفضل.(11) إن ما يعد محوريًا لمسألة الحكومة هي مسألة لا مفر منها وهي الشخصية – فالقيم التي يأتي بها رئيس من الرؤساء إلى منصبه تعرّف، بصورة كبيرة، اتجاه وثمار عمله. أُولاها هي الأمانة، إذ أنها تعزز المصداقية مع العامة ومع الرؤساء الآخرين، وتحشد الدعم لمبادرات الحكومة وتُحدث الثبات والأمان. ليس على الرؤساء الفاعلين ممارسة الأخلاقيات دون أدنى خطأ فحسب، بل عليهم أيضًا العمل على تقوية مؤسسات الدولة الاقتصادية والاجتماعية والقانونية والتعليمية وتحسين الهيكل التنظيمي، وإدارة الموارد الشحيحة بفاعلية. أما حيث تكون المسألة متعلقة بما يجنونه من مكاسب فلابد من الاكتفاء بتعويض بسيط يكسبونه بالسبل القانونية. وبينما تصبح مادة السياسة مسألة عالمية أكثر فأكثر، على الرؤساء المنتخبين أن يظهروا الرؤية والشجاعة لكي تتواكب إهتمامات الدولة تدريجًا مع متطلبات مجتمع عالمي آخذ في التطور.

العدل وحقوق الإنسان

8. إن جهود الأمم المتحدة للربط بين جهود استئصال الفقر والمعايير العالمية السائدة لحقوق الإنسان لَهِيَ خطوة إيجابية في سبيل التوفيق بين أعمال الحكومات ومبادئ العدل. إن ميراثنا المشترك من المعايير السائدة لحقوق الإنسان، بما يشتمله من حقوق الفرد والأسرة؛ حرية المعرفة والاعتقاد؛ المساواة بين الرجال والنساء والمساواة العرقية؛ بالإضافة إلى حق العمل والتعليم، تجسد أهم الإنجازات الأخلاقية للجنس البشري ضمن غيرها. يجب على حقوق الإنسان، كما صادقت عليها معظم حكومات العالم، أن يتم إدخالها إلى الثقافة الاجتماعية والقانونية وأن تدمج بصورة نظامية مع التشريع الوطني للدول. كما يجب ترجمتها إلى جميع اللغات فتتناولها الأيدي عبر وسائل الإعلام والمؤسسات التعليمية. فبهذه الطريقة، تستطيع المعايير السائدة لحقوق الإنسان أن تحلّ محلّ الأنظمة القانونية المعيبة المُتّسمة بتطبيقها الاضطهادي والاستبدادي للقانون، والتي تُفرض على أناس غير واعين بحقوقهم وغير قادرين على بيان إحتياجاتهم بوضوح.

المسؤولية الفردية

9. يقع قدر كبير من مسؤولية تخفيف وطأة الفقر على أكتاف الأفراد أنفسهم. بينما يُعدُّ الفقر نتاج عوامل كثيرة: تاريخية واقتصادية وسياسية وبيئية، إلا أنّ له بعدًا اجتماعيًا أيضًا يُظهر نفسه في القيم والمواقف الفردية. فبعضها - كاستعباد النساء والفتيات أو التقليل من قيمة التعلم أو حق الفرد في التقدم– إنما يزيد من سوء حالات الفقر الموجودة. إن الفضائل الإنسانية ذات العلاقة كالصدق والرغبة في العمل والتعاون إنما يمكن تسخيرها لإنجاز أشدّ الأهداف صعوبة عندما يثق أعضاء المجتمع أنهم محميون بمعايير العدل ومتيقنون من المنافع التي تنطبق بالتساوي على الجميع. إلا أن تطبيق طريقة التعامل المستمدة من منظور حقوق الإنسان، والتي تؤكد على حق الإنسان في مجموعة محددة من الحقوق، ربما تشكل تحديًا، إن لم يرافقها مؤثر أخلاقي ضروري للإلهام بتغييرات مرافقة في المواقف والسلوكيات.

الجنس

10. أحد الأمثلة على هذا هو مسألة تساوي الجنسين: فقد اجتمعت الأمم مرارًا وتكرارًا عبر العقدين الماضيين للاعتراف بدور المرأة الحيوي في المضيّ قدُمًا بما يُلزِمه التطور. فقد محت العلوم الطبيعية والاجتماعية أي أساس للتفريق بينهما؛ وقد سنت معظم الدول قوانين لمنح المرأة فرص الرجال نفسها؛ وقد أُبرمت الاتفاقيات وصُدّق عليها؛ ووُضعت تدابير ومؤشرات اجتماعية جديدة. إلا أن قوة المرأة وفاعليتها لا زالتا مفتقرتين بشكل كبير في مضامير، نذكر بعضها على سبيل المثال لا الحصر، القانون والسياسة والعلم والتجارة والدين. أما في المناطق التي كان مُيسراً فيها للنساء الوصول إلى التعليم والتوظيف وفرص التملك فقد ظهرت تأثيرات دراماتيكية على مستويات عديدة: فعلى مستوى الأسرة ظهر تقسيم أكثر عدلاً للتموين والموارد والعناية الصحية بين الفتيات والصبيان، ونسبة أعلى من القراءة والكتابة بين الأطفال؛ ونسب أقل من زيادة المواليد مما أدى إلى حالات اقتصادية أفضل وصحة أفضل للأمهات؛ والدفع باهتمامات جديدة إلى مسرح المناقشات العامة. وقد ظهر أن قدرة النساء على الكتابة والقراءة فقط تلعب دورًا هامًا في ترويج الرفاه الاجتماعي بالنسبة لغيره من المتغيرات المرتبطة بالمستوى العام لثروة المجتمع.(12) وفي الحقيقة، لقد تغير رفاه الأسرة بأكمله بصورة دراماتيكية حيث كانت الظروف الاقتصادية والاجتماعية والمواقف الذهنية في المجتمع مواتية لتقدم المرأة. غير أن التحويل التدريجي للمواقف تطلب أكثر من مجرد تدبيرات قانونية، بل تطلب تغييرًا أساسيًا في العقيدة بخصوص دور كل من الرجل والمرأة، كما تطلّب الشجاعة لتحدي المعايير التقليدية السائدة للجنس.

الفعاليات الاقتصادية

11. لا يمكن إنكار أن استدامة الفقر هو بفعل عوامل اجتماعية ومادية تفاعلت مع بعضها البعض. ويقرر هذا التفاعل الفوائد الاجتماعية للموارد المادية، سواء أصبحَتْ الموارد مركزة في أيدي البعض أم يتم تقسيمها بالعدل، وسواء أكانت مفيدة أم مضرة للمجتمع الأوسع. ونرى اليوم أن معظم النشاط الإقتصادي وما يأتي في سياقه المؤسساتي يتعارض مع بقاء البيئة المحيطة واستدامتها، وتقدم المرأة، ورفاه الأسرة، وجلب إنتباه الشباب والتفاعل معهم، وتوفير الوظائف وتوسيع نطاق المعرفة. فعلى سبيل المثال، الميزانيات الحربية والتي تفوق التريليون دولار(13) والتجارة العالمية في المخدرات الممنوعة التي تفوق 300 بليون دولار(14)، كلاهما يفوقان بكثير التكاليف المقدرة لتحقيق أهداف الأمم المتحدة للتطوير العالمي في مجالات التعليم والصحة والاستدامة وتقدم المرأة.(15) ثم إن النظريات الاقتصادية التي تخص الأسواق المتجاهلة للفرد والتي تروج أفعال الأفراد المتسمة بالأنانية، لم تساعد البشرية أبدًا في النجاة من حد الفقرالمدقع من جهة والإفراط في الاستهلاك من جهة أخرى. فعلى النظريات الاقتصادية الحديثة في زماننا أن تستمد حيويتها من دافع أعظم من مجرد الربح فقط. يجب عليها أن تأخذ جذورها من ذاك البعد الإنساني والعلاقات التي تربطنا كأسر ومجتمعات ومواطني عالم واحد. يجب عليها أن تٌحيي روحًا من الإبداع لا التقليد الأعمى، والتكريم لا الاستغلال، والمشاركة التامة والواثقة للمرأة.

الدرجات القصوى من الغنى والفقر

12. لقد ركزت الاعتبارات الاقتصادية التي هي الأساس لجهود تخفيف وطأة الفقر على تكوين الثروة، إلا أنها لم تأخذ في الاعتبار المشكلة الموازية لها ألا وهي التمركز الشديد للثروة. ففي عالم شديد الترابط، تفوق فيه ثروة معظم أغنى أغنياء العالم الإنتاج الإجمالي المحلي لدول بأكملها، يتواجد الفقر المدقع والغنى الفاحش جنبًا إلى جنب. رغم أن تركيز معظم جهود المداواة موجهة للأفقر، إلا أن تمركز الثروة في أيدي الأفراد القلائل هي ما يحتاج إلى الاهتمام العاجل حقًا. فقد تكون الثروة الهائلة التي تولدها المؤسسات الدولية هي الجزء المكمّل من أجل معالجة الفقر عبر تنظيم صارم لضمان مواطنة عالمية جيدة، والتمسك بمعايير حقوق الإنسان وتوزيع الثروة بما فيه منفعة المجتمع الأكبر. عندما تكون المسألة التي نعيرها انتباهنا هي ثروة شعب ما، تصبح المسألة مسألة قيمة اجتماعية لا المقاييس الإجمالية للدولار. فعلى سبيل المثال، يجمع الإنتاج الإجمالي المحلي في طيه المجموع الكلي لجميع النشاطات الاقتصادية – بما يشمل إنتاج الأسلحة والسجائر... الخ – بغض النظر عن قيمتها الاجتماعية أو تأثيرها البيئي. فنحن نحتاج إلى مقاييس جديدة تأخذ في الحُسبان الملوثات والأمراض الاقتصادية وتضيف الفوائد التي لم يتم حسابها أو تعويضها للحصول على صورة أكثر دقة لصحة وثروة اقتصاد شعب ما.(16)

التطوير المستدام

13. من المعترف به بشكل واسع أننا بلغنا الرخاء الاقتصادي متحملين كلفة عظيمة ترتبت على بيئتنا الطبيعية.(17) بل في الحقيقة، لم تظهر وتعلو أية دولة لتصبح قوة صناعية رئيسة دون أن تترك ميراثًا عظيمًا من الضرر البيئي، الذي أثر على أمن ورفاه شعبها وبشکل مساو من الأهمية على الدول النامية. أصبح النموذج الإقتصادي المدفوع تنمويًا والآخذ جذوره في أن الرفاه العالمي يكون على حساب المتغيرات الإجتماعية والبيئية، موضع تفحص أدق بصورة متزايدة. إن تساؤلات ذات منشأ أخلاقي حول توزيع الموارد ومسؤولية الأضرار الحاصلة، والتي تشكل تحديًا، تجبر الحكومات على تطوير آليات مؤسساتية وتطبيق سياسات تأخذ في الحسبان رفاه وصحة الجامعة العالمية والأجيال الآتية مستقبلاً. فعلى المستوى المؤسساتي، نحتاج لكيان عالمي ذو قدرة فائقة على الاستشارة العلمية من أجل جعل عمليتي إعداد التقارير واتخاذ القرارت أكثر بساطة وفاعلية , ومشتملا على أصوات العاملين غير الحكوميين. وعليها أن تربط منطقيا وباتساق بين المسائل البيئية والأولويات الاجتماعية والاقتصادية، إذ أنه لا يستطيع أحد من هؤلاء أن يمضي قدما بمعزل عن الآخر. (18) أما على المستوى التعليمي، فعلى المناهج أن تجهد في تطوير حس المسؤولية تجاه البيئة الطبيعية بالإضافة إلى تعزيز روح البحث والإبداع لكي يتمكن الجنس البشري بما فيه من تنوع وكثرة أن يتقابل مع هذا التحدي وهو إيجاد مسار تطوري مستدام بيئيًا.

الزراعة

14. إن إحدى العناصر الجوهرية لاستراتيجية تطويرية مستدامة هي إعادة إصلاح وتقويم العمليات والسياسات الزراعية. إذ يعد إنتاج الطعام والزراعة المصدر الأول عالميًا للتوظيف؛ فقرابة 70٪ من الفقراء في الدول النامية يعيشون في المناطق الريفية ويعتمدون على الزراعة مصدرًا للرزق.(19) ورغم أن الزراعة فقدت قيمتها بسبب الصناعة والتوسع المتسارع لسكان المدن، إلا أنها لا تزال تعد اللبنة الرئيسة للحياة الاقتصادية وحياة الجامعة: فسوء التغذية وفقدان الأمن الغذائي تخنق كل المحاولات للتطوير والتقدم. رغم هذا الدور المحوري، إلا أن الفقر يتمركز عادة في المناطق الريفية. ثم إن الأضرار التي تلحق الموارد الطبيعية، وسوء المعلومات والبنية التحتية إنما تؤدي في العادة إلى فقدان الأمن الغذائي، وحدوث الوفيات المُبْتَسَرَة والهجرة الجماعية إلى المدن بحثًا عن حياة أفضل. في الحقيقة، يجب إعطاء المزارع حقه بالنسبة لمكانته في العملية التطويرية وعملية بناء المدنية: بينما نحن نعيد بناء القرى، فسوف تتبعها المدن.

التوظيف

15. إن توفير عمل ذو معنى إنما يعد أحد المكونات الرئيسية لأي جهد يهدف إلى تخفيف وطأة الفقر. ثم إن المشاركة الجدية للشباب تصبح أكثر أهمية مع الازدياد الرهيب في السكان في المناطق المدنية والتي يزداد معها تواجد الأحياء الفقيرة وترتفع معدلات الإجرام وتعاطي المخدرات والبطالة والتفكك الأسري والانعزال الاجتماعي. يشكل الشباب من سن 15-29 في يومنا هذا قرابة نصف عدد البالغين في 100 من الشعوب التي تعاني اقتصاديًا.(20) إن الفقدان لتوظيف ذي معنى يغذي إحباطهم وخيبة أملهم. فلسنا بحاجة لإعادة النظر في كم العمل فحسب، بل إلى إعادة النظر في نوعية ومعنى العمل أيضًا. مهما يكن، سواء أكان عمل الشخص هو حراثة الأرض أم بيع السلع فيجب ألا يُقَلّل هذا العمل إلى مجرد وسيلة لكسب سلع أكثر أو كسب كلفة إنتاج مستهان بها ويمكن التخلص منها. فالعمل، بالنسبة لأي شخص، هو الوسيلة لتطوير حرفته، وصقل شخصيته، والمساهمة في خير وتقدم المجتمع. بالفعل، فالحرب ضد التوظيف بأقل من مؤهلات وكفاءة الفرد يجب أن يبدأ بتكريم ومعرفة قيمة كل أنواع العمل البشري حتى لو كان عملاً متواضعًا، غير آمن بلا ربح أو غير مُجدٍ.

16. إن حصن التعليم يعد البنية التحتية لمشاركة ذات معنى في رقي المجتمع والأهداف السامية للمدنية. وبالرغم من أن كثيرًا من برامج تخفيف وطأة الفقر ركزت على زيادة عدد المسجلين في التعليم الابتدائي والثانوي – والذي يعد الخطوة الأولى – إلا أنه يجب بيان الهدف البعيد المدى بوضوح: ألا وهو تكوين مجتمع يتغلغل فيه العلم - إنتاجه والتشبع منه وتطبيقه - إلى جميع أركان النشاط الإنساني. ثم إن هذا يتطلب تدخلات على جميع المستويات بما يشتمل ممارسات تنشئة الأطفال التي تربي على حب الاستفسار؛ توفير فرص متساوية للتعليم لكلا الجنسين من الأولاد والبنات؛ تطوير مصادر مستقلة للإعلام؛ ترجمة المواد المقروءة في الثقافات الأخرى وترويج الإبداع والبحث العلمي. لابد للعقل البشري أن يمتلك حرية أن يعرف لو أردناه أن يكون حرًا ليبدع ويبتكر حلولاً لمشكلات معقدة.

الدين

17. يجب على مفهوم العلم الذي نحتاجه اليوم لتوجيه جهود تخفيف وطأة الفقر أن تكون بالقدر الكافي لتستجيب لكل من الفقر في الوسائل والفقر في الروح. إن الموارد المادية تعد ضرورية بكل تأكيد، إلا أنها بمفردها لا تستطيع توليد رؤية للبعد الكامل للرفاه الإنساني؛ ولا تستطيع توفير الأجوبة لأكثر الأسئلة عمقًا بخصوص الطبيعة الإنسانية أو الهدف من وجودنا. الأهم من كل ذلك هو أن الأبعاد المادية والتقنية فقط لا تلزم حدوث تغييرات رئيسية في شخصية الإنسان وإيمانه واللازمين للتغلب على السلوكيات المدمرة التي أدت إلى الأحوال الراهنة في يومنا هذا. ولن تحفزا وتأتيا بالاستدامة للإرادة البشرية للمثابرة، والمجاهدة نحو الكمال، والخدمة بتواضع، ولكي يصنع، ويسعى وراء المعرفة، ويرعى الجمال، ويطلب رفاه البشرية كلها. إن الإحاطة والإلمام بالبعد الروحاني وتعابيره في أديان العالم المختلفة لا تعد رجوعًا إلى الخرافة أو التعصب أو تنديدًا بالبحث المنطقي بأي سبيل من السبل. بل، بدلاً من ذلك، فهو من أجل أن نبني بصورة متكاملة الجهود المبذولة لتخفيف وطأة الفقر، والاعتراف بجميع أبعاد التجربة الإنسانية وفهمًا أكثر لمظاهر الفقر في الأبعاد المادية والروحانية للحياة البشرية.

18. بينما نجهد من أجل القضاء على الفقر، نمر بتجربة لا يمكن وصفها بأقل من أنها آلام ولادة حضارة عالمية بكل ما في الكلمة من معنى: فأنماط جديدة من التفكير، ومعايير جديدة وتدبيرات قانونية ومؤسساتية جديدة تسعى وتصارع من أجل التمكن. ومع اتساع إدراكنا للمشاكل والحلول الممكنة لها، يمهد إجماع عالمي غير سابق النظير وقدرة مرافقة للتعاون العالمي الطريق نحو نتائج أعظم بكثير مما أمكن الحصول عليه حتى الآن. إلا أنه ومن أجل توليد المعرفة والتعهد الذي نحتاجه للتغلب على الفقر، فسوف نحتاج إلى استحضار الطيف الكامل من القوى الكامنة الروحانية والذهنية للبشر من أجل أداء هذه المهمة. ومع شغل انتباه وجهود إنسانيتنا، فسوف يعيد هذا توليد نسيج للمدنية.

الحواشي:

(1) إيسترلي، ويليم. "العبء الذي يحمله الرجل الأبيض: لماذا أتت جهود الغرب لإعانة ما سواهم بهذا الكم الهائل من الضرر والقليل من الخير". دار نشر بنجوين: نيويورك، 2006.

(2) تمثل "الأهداف التطوّرية للألفيّة للأمم المتحدة"، والتي إستهلت عام 2000، إستراتيجية للأمم المتحدة لتقليص الفقر المدقع إلى النصف بحلول عام 2015. الأهداف الثمانية المحددة زمنيًا تشمل التالي: استئصال الجوع والفقر المدقع؛ ترويج مساواة الجنسين؛ تقليل نسب وفيات الأطفال؛ تحسين صحة الأمهات؛ محاربة (الإيدز) وفيروس نقص المناعة البشرية (HIV) والملاريا وغيرها من الأمراض؛ ضمان الإستدامة البيئية؛ ايجاد شراكة عالمية للتنمية.

(3) ماسون، اندرو د. واليزابيث م. كينج. "تحقيق التطوير عن طريق المساواة بين الجنسين في الحقوق والموارد والتصويت". تقرير بحث قام به البنك الدولي. البنك الدولي: واشنطن، دي سي، 2001؛ "السعي لتحقيق المساواة بين الجنسين وتقوية المرأة". المركز العالمي لبحوث المرأة: واشنطن، دي سي، 2005؛ شين. م. وغيره. "تقدم نساء العالم"، 2005: "النساء والعمل والفقر". صندوق الأمم المتحدة للمرأة: نيويورك، 2005.

(4) كوفمان، دانييل، آرت كراي وماسيمو ماستروزي. "شؤون الحكومة 4: مؤشرات الحكومة للسنوات من 1996-2004". البنك الدولي: واشنطن، دي سي، 2005؛ "تقرير التنمية البشرية العربية 2004: نحو الحرية في العالم العربي". برنامج التنمية للأمم المتحدة: نيويورك 2004؛ أعلن المركز الإخباري للأمم المتحدة بتاريخ 17 سبتمبر/أيلول 2007 أن ربع الإنتاج الإجمالي المحلي للدول الأفريقية – أي ما يساوي 148 بليون دولار – تفقد سنويًا بسبب الفساد.

(5) "تقرير التنمية البشرية لعام 2004. الحرية الثقافية في عالم اليوم المتنوع". البرنامج الانمائي للأمم المتحدة: نيويورك، 2004.

(6) ستيرن، نيكولاس. "مراجعة ستيرن: إقتصاديات تغيير المناخ"، خزينة صاحبة الجلالة: لندن 2006.

(7) "تقرير التوظيف العالمي 2004-2005. التوظيف والإنتاجية وتخفيف وطأة الفقر". منظمة العمل العالمية: جنيف، 2004.

(8) راجع الحاشية رقم 3.
(9) راجع الحاشية رقم 4.

(10) "فهرس الدول الفاشلة،" السياسة الخارجية، يوليو/تموز- أغسطس/آب 2007، 55-63.

(11) راجع الحاشية رقم 2 أعلاه.

(12) سين، أمارتيا. التطورمن اجل الحرية. Anchor : نيويورك، 2000.

(13) "ملاحظة الأمم المتحدة لخلفية عمليات حفظ السلام". إدارة المعلومات العامة للأمم المتحدة: نيويورك. 30 نوفمبر/تشرين الثاني 2005. (كميات الدولار بالدولارات الأمريكية 2005)

(14) "التقرير العالمي للأدوية المخدرة لعام 2007". مكتب الأمم المتحدة للمخدرات والجريمة. نيويورك، 2007.

(15) مشروع الألفية للأمم المتحدة يقدر كلفة بلوغ الأهداف الانمائية للألفيّة في جميع الدول بحدود 121 بليون دولار في عام 2006، والذي سيرتفع إلى 189 بليون دولار في عام 2015. (مشروع الألفية للأمم المتحدة 2005. "الإستثمار في التنمية: خطة عملية لبلوغ أهداف الألفية الانمائية. نظرة إجمالية". برنامج الأمم المتحدة الانمائي: نيويورك، 2005).

(16) بدائل أخرى لحساب ثروات الدول تم استخدامها بواسطة العديد من المفكرين إذ يعد "مؤشر التقدم الحقيقي" (GPI) أحد هذه المبادرات. فبعكس المقياس التقليدي الذي هو الناتج الإجمالي المحلي (GDP)، يحاول مؤشر التقدم الحقيقي أن يدخل التلوث والأمراض الإقتصادية في الحساب سلبًا ويضيف فوائد غير مقاسة سابقًا (كالأعمال المدرسية والأبوة والأمومة) للتمكن من حساب مقياس أدق لثروة أمة ما. وفي عام 2002 (حيث هي أحدث سنة يتوفر لها بيانات لمؤشر التقدم الحقيقي (GPI) توصلت المؤسسة الأمريكية غير الحكومية المعروفة باسم: "إعادة تعريف التقدم" إلى أنه بين عامي 1972-2002 نمى الناتج الإجمالي المحلي للفرد بمقدار 79٪، بينما نمى مؤشر التقدم الحقيقي بمقدار 1٪ فقط (جاسون ڤينيتوليس وكليف كوب. "مؤشر التقدم الحقيقي 1950-2002" (ونسخة منقحة في 2004). إعادة تعريف التقدم: أوكلاند، كاليفورنيا , 2004.

(17) كثيرًا ما تستشهد تقارير هيئة ما بين الحكومات للتغيير المناخي (أسست عام 1988 من قبل منظمة الأرصاد الجوية العالمية وبرنامج الأمم المتحدة البيئي) في المناقشات حول التغيير المناخي. وإن أحدث التقارير تحت عنوان "التغيير المناخي 2007" تشتمل على: الأساس العلمي الفيزيائي؛ تأثيراتها والتأقلم وقابلية العطب؛ وتخفيف التغيير المناخي؛ وطبعت من قبل دار نشر جامعة كامبردج، عام 2007.

(18) على المستوى القطري، يجب جعل حجم المتطلبات للتقارير المطلوبة أبسط وأكثر فعالية وتحكيمًا، من أجل أن تتمكن الدول من إنجاز التزاماتها بصورة فاعلة ومتسقة.

(19) ديكسون، جون، آيدان جوليڤر وديڤد جيبون. "أنظمة الزراعة والفقر: تحسين معيشة المزارعين في عالم متغير". دراسة مشتركة بين منظمة الغذاء والزراعة التابعة للأمم المتحدة والبنك الدولي: روما وواشنطن، دي سي، 2001. URL: .

(20) مؤسسة مراقبة العالم، "العلامات الحيوية" 2007-2008، ص74.

الاصل الانجليزي بهذا الرابط :
#08-0214] BIC document]

Table of Contents: Albanian :Arabic :Belarusian :Bulgarian :Chinese_Simplified :Chinese_Traditional :Danish :Dutch :English :French :German :Hungarian :Íslenska :Italian :Japanese :Korean :Latvian :Norwegian :Persian :Polish :Portuguese :Romanian :Russian :Spanish :Swedish :Turkish :Ukrainian :